معلم ومحفظ قرآن عن بعد

محفظ قرآن عن بعد

في ظل التطورات الكبيرة التي نشهدها في عالمنا المعاصر، أصبح أمر التعليم أسهل مما كان عليه، فقد ظهر ما يُطلق عليه محفظ قرآن عن بعد، حيث تستطيع بسهولة تامة حفظ آيات الذكر الحكيم من خلال المنصات والأكاديميات المنتشرة عبر الإنترنت، فمن أبرز الفضائل التي ينفرد بها الحافظ لكتاب الله أنه يصبح من أهل الدنيا والآخرة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه”. [صحيح، رواه أنس بن مالك].

 

كما أن حفظ القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويرفع من درجاته وحسناته، ويكون له الأولوية في إمامة الناس في الصلاة، وهذه منزلة الحافظ لكتاب الله، ومن سعى في تحفيظه، تكون منزلته أضعاف مضاعفة، وثوابه عند الله عظيم، وهذا ما سوف نوضحه في هذا المقال مع تبيان معايير اختيار معلم القرآن وأجره.

 

من هو محفظ قرآن عن بعد؟

محفظ قرآن عن بعد هو ذلك الشخص الحافظ لكتاب الله، المُلم بأحكامه وقواعد تجويده من حيث مخارج الحروف والصفات، وهو الذي أتقن القرآن إتقاناً وتدبر في آياته وفهم معانيه، ورتله ترتيلاً، وقد نال الإجازة على شيخه بسند متصل برسول الله -صلى الله عليه وسلم-

 

ومحفظ القرآن هو حامله، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: “ينبغي لحامل القرآن أنْ يُعرفَ بليله إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مُفطرون، وبورعه إذا النَّاس يخلطون، وبتواضعه إذا النَّاس يختالون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائه إذا النَّاس يضحكون، وبصمته إذا النَّاس يخوضون”. ومما ينبغي على محفظ قرآن عن بعد الاعتناء به والمداومة على تلاوته دون الاكتفاء بتسميع آياته على الطلاب، فيقتصر بذلك على سماعه دون تلاوته، فيكون هاجرًا له.

 

كيف أكون معلم قرآن ناجح؟

إن معلم القرآن صاحب رسالة سامية، سواء كانت عملية الحفظ أون لاين مثل: حلقات تحفيظ القرآن عن بعد أو على أرض الواقع، وسواء كان تحفيظ القرآن للكبار أم للصغار، فإن هذه العملية تتطلب قدر من المهارات والصفات التي من المهم التحلي بها والعمل بمقتضاها، ولكي تكون معلماً ناجحاً، عليك بالآتي:

 

1- على محفظ قرآن عن بعد الناجح أن يتحلى بمكارم الأخلاق، وأن يكون طاهر السريرة، وصاحب سيرة، ويشهد له بالاستقامة، ولا يحيد عن تعاليم الإسلام، فذلك كله يضفي على طلابه نوع من الثقة والاقتناع بما يقدمه لهم من معلومات، وبما يرشدهم إليه من سلوكيات.

 

2- على المعلم الناجح أن يكون صاحب شخصية قوية، وذلك بأن يثق بنفسه، وأن تكون شخصيته مؤثرة على طلابه ليكسب ودهم واحترامهم، فشخصية المعلم تنعكس على المادة بالإيجاب، وبذلك يعطي المادة هيبتها ووقارها المستحقين دون اللجوء للأساليب العنيفة في التعليم، ودون أن يفقد محبة طلابه له.

 

3- التأهيل والقدرة العلمية، فعلى معلم القرآن أن يكون مُلماً وعلى دراية بالكتاب العظيم الذي يدرس، لذا كان حرياً عليه الإلمام بأحكام التجويد وأصول الشريعة، وكافة العلوم الأخرى المتعلقة بالقرآن الكريم كالعقيدة وعلم التفسير والفقه وعلوم القرآن، فذلك كله يكسب الطالب الثقة بمعلمه ويزداد شغفاً به واقتناعاً بكلامه.

 

ما هي معايير اختيار معلم القرآن الكريم؟

قبل أن يكون محفظ قرآن عن بعد معلماً، فهو مربياً يربي طلابه ويرشدهم نحو الطريق الصحيح، لذا هناك بعض المعايير التي على أساسها يتم اختيار معلم القرآن الكريم، وهذه المعايير تتطلب التحلى ببعض الصفات الأكاديمية والتي نصنفها إلى أربع أقسام، وهذا بيان لها:

 

1- صفات فطرية

وهي الصفات التي جُبل عليها الفرد ونمت بداخله وأصبحت وثيقة الصلة به، وهي:

 

  • المقصد السليم والنية الخالصة.
  • الخلق الحسن.
  • التواضع.
  • العدل.

 

2- صفات معرفية

وهي الصفات التي يُحصلها الفرد في حياته، وتكون بمثابة حصيلته المعرفية، وهي:

 

  • المعرفة الشرعية: بأن يكون المُحفظ ملماً بأصول الشريعة.
  • المعرفة التخصصية: بأن يُلم بأحكام التجويد والقراءات.
  • المعرفة التربوية: بأن يطلع على الأساليب والتقنيات التربوية الخاصة بالقرآن والحديث النبوي، وطرق التعامل مع الطلاب مراعياً الفروق الفردية.
  • المعرفة الإثرائية: والثقافة العامة والتي تتجلى في معرفته بشئون الحياة المختلفة.

 

3- صفات خارجية

وهي الصفات التي تتعلق بالمظهر الخارجي، وتتمثل في:

 

  • التحلي بالبشاشة والابتسامة الطيبة الصادقة.
  • الاقتداء بالنبي وأصحابه في حسن المظهر وصفاء الجوهر.
  • النطق السليم، والبيان الحسن.

 

4- صفات مهنية

وهي الصفات التي تفصح عن عمل الفرد وخبراته، وهي:

 

  • قوة الشخصية: بأن يثق المعلم بنفسه.
  • المهارات العقلية: كالتحلي بالحنكة والفطنة التي تؤهله للعلم الشرعي، والتمتع بالذكاء وسرعة البديهة.
  • الخبرات التربوية: بتعدد الأساليب التربوية، والقدرة على التعامل مع الطلاب وإحكام السيطرة على الصف، والحكمة في معالجة مشاكلهم.

 

ما هو أجر معلم القرآن؟

لقد حث الإسلام على احترام وتوقير المعلم في أي تخصص كان، فماذا إن كان معلماً لكتاب الله؟ فلا شك أن فضل معلم القرآن لا مثيل له حتى وإن كان محفظ قرآن عن بعد، فلقد جاء القرآن والأحاديث النبوية لترسيخ فضل وأجر من علم القرآن، فكان الصحابة -رضي الله عنهم- أعلم الناس بقيمة ومنزلة المعلم، وهذا ما تجلى في تأدبهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم التابعين وتابعين التابعين، ويكفي أن نذكر ما ورد من السنة عن فضل معلم القرآن.

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ”. [صحيح، رواه عثمان بن عفان].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- وملائِكتَهُ، وأهل السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ”. [صحيح، رواه أبو أمامة الباهلي].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ”. [صحيح، رواه أبو هريرة].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ الملائكةَ لتَضَعُ أجنِحتَها لطالبِ العِلمِ؛ رِضًا بما طَلَبَ”. [حسن، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند لشعيب].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “وإن العالمَ لَيستغفرُ له مَن في السماواتِ ومن في الأرضِ، حتى الحيتانُ في الماءِ، وفضل العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإن العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافرٍ”. [صحيح، رواه أبو الدرداء].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الدنيا مَلعونةٌ، مَلعونٌ ما فيها، إلَّا ذِكرَ اللهِ، أو مُعلِّمًا، أو مُتعلِّمًا”. [لا بأس به، رواه عبدالله بن ضمرة].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”. [صحيح، رواه أبو هريرة].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن علَّمَ عِلمًا فلَه أجرُ من عَمِلَ بِه لا ينقُصُ من أجْرِ العامِلِ”. [صحيح، رواه معاذ بن أنس].

 

الأسئلة الشائعة عن محفظ قرآن عن بعد

 

ما الهدف من تعليم القرآن؟

تتمثل أهداف تدريس القرآن الكريم في هذا البيان:

 

  1. التخلق بآداب القرآن الكريم، والعمل بمقتضى أحكامه، والانقياد له.
  2. غرس حب القرآن في القلب، وتدبر آياته وفهم معانيه، والنزوع نحو ترتيله، فيكون محفوظاً في الصدور قبل السطور.
  3. الإلمام بقواعد التجويد، مما يجعل قارئه يتلو آياته بشكل متقن كما نطقه السلف الصالح وفقاً للسند المتصل برسول الله -صلى الله عليه وسلم-
  4. تنمية قدرة المتعلم على تلاوة كتاب الله بإخراج الحروف من مخارجها، بحيث يعطي الحرف حقه، والصفات مستحقها مع مراعاة صحة الضبط.

 

هل تحفيظ القرآن صدقة جارية؟

يعتبر تحفيظ القرآن من الأعمال الصالحة التي يشرع بها المرء مرضاة لوجه الله -تعالى- ولكنه لا يعتبر صدقة جارية خاصة إذا كان المراد من تحفيظه أن يكون صدقة جارية على الميت، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” وسواء كنت محفظ قرآن عن بعد أو تلتزم بمكان معين تُحفظ فيه القرآن، فإن الأجر والثواب عظيم.

 

كيف أخدم كتاب الله؟

لا شك أن خدمة القرآن الكريم شرف عظيم لا يناله إلا لمن اخلصوا النية لوجه الله، فسواء كنت محفظ قرآن عن بعد أو مقيد بمكان معين، فإن هذه الخدمة العظيمة تتلخص في عدة جهود وتسير في ثلاث اتجاهات رئيسية يمكن أن نوضحها على النحو التالي:

 

الاتجاه الأول

يستطيع الانسان خدمة كتاب الله عن طريق تحفيظه والسعي في تدريس علومه مما يعين الآخرين على فهمه وتدبر آياته، وهذه الرسالة النبيلة يجب أن نعمل عليها جميعاً لخدمة كتاب الله، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.

 

الاتجاه الثاني

تتمثل خدمة كتاب الله أيضاً في تقديم المساعدات سواء كانت مادية أو معنوية لمؤسسات التربية والتعليم التي تعني بتحفيظ القرآن الكريم، فهذه المؤسسات تعمل على تخريج الحفظة والعلماء، وهي مؤسسة للأمة وبالأمة وتعد لنا القرأه جيلاً بعد جيل.

 

الاتجاه الثالث

أصبح بالإمكان في ظل التطور التقني الراهن استخدام التقنيات الحديثة والوسائل العصرية مثل: وسائل الإعلام بمختلف أشكالها والقنوات الفضائية، ومواقع الإنترنت لنشر هذه الرسالة وذلك بإنشاء أكاديمية تحفيظ القرآن عن بعد للوصول لكافة الفئات حول العالم سواء من الناطقين بالعربية أو غير الناطقين بها.

 

في ظل التطور المشهود في وسائل الاتصال الحديثة وتكنولوجيا المعلومات، أصبح التعلم عن بعد سمة العصر الراهن، ولا توجد استفادة أكبر من حفظ القرآن الكريم وآيات الذكر الحكيم مع تحقيق التعمق في مختلف العلوم الإسلامية، لذا كانت اكادمية وحي يوحى لتحفيظ القران من الأكاديميات التي ظهرت لتسخر كافة امكاناتها لتوصيل رسالتها للعالم أجمع، فإذا كنت تبحث عن محفظ قرآن عن بعد، فلا شك أن وحي يوحى في المكان الأنسب للحصول عليه مع امكانية تغيير المعلم / الشيخ وفقاً للتفضيلات والفئات والرغبات المتفاوتة.

 

المصادر والمراجع

islamonline

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart