فضل حفظ القرآن الكريم

فضل حفظ القرآن الكريم

إن القرآن الكريم كما يحفظ في السطور، فهو يحفظ كذلك في الصدور، ولا شك أن فضل حفظ القرآن الكريم له حكمة، فالحافظ لكتاب الله يقيم بما يحفظه الحجة على المخالف، فأينما ذهب حافظه لمكان، فإن القرآن جنة في صدره، ولو مُنع عنه المصحف في مكان ما، فإن القرآن في صدره يحفظه عن ظهر قلب، كما أن المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً أو يصلي منفرداً، لا بُد أن يكون حافظاً لشيء منه ليقيم صلاته.

 

ما هو القرآن الكريم؟

القرآن هو أحد أقدم الكتب العربية، وهو كتاب الله عند المسلمين يؤمنون بما نزل فيه ويعظمونه، وهو محفوظ في الصدور قبل السطور ومنقول بالتواتر، ولفظ القرآن مشتق من الفعل قرأ، ومنه القول: قرأت كذا، فهو قرآن، وقد أطلق اسم القرآن على كتاب الله، وقد كان فضل حفظ القرآن الكريم عظيماً.

 

فالقرآن الكريم هو كتاب الله تعالى، وقد أُنزل على رسول الله محمد -صل الله عليه وسلم- المُفتح بسورة الفاتحة، والمُنتهي بسورة الناس، وهو مكتوب في المصاحف، وجاء إلينا بالتواتر، ولذلك فإن القرآن الكريم كلام الله، وهو منزل على النبي وسائر الخلق، ومعجز لما به من دلالات الإعجاز، ومنقول بالتواتر، ويقُصد بالتواتر أنه تم نقله عن جمع لا يحصى عددهم، واستحال عليهم الكذب، ويظل تواتره حتى يوم القيامة.

 

ما هو فضل حفظ القرآن الكريم؟

لقد ذكرت العديد من النصوص والآيات والأحاديث فضل حفظ القرآن الكريم، وقد استنبط العلماء وأهل الدين الأدلة على الفضائل والهبات العظيمة التي توهب لحافظ القرآن الكريم، فمن قصد حفظه، فهو لا يحفظه لتحصيل منافع دنيوية بل هي عبادة يتقرب بها من الله، وتتضح مزايا حافظ القرآن في الدنيا والآخرة في النقاط الآتية:

 

1- إن الحافظ لكتاب الله يعد من أهل الله وخاصته، فمن الفضائل التي ينالها حافظ القرآن الكريم أنه يصبح من أهل الدين والدنيا، وتحسن خاتمته، [ حدثنا بكر بن خلف أبو بشر حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي: “إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه”.

 

2- يرفع القرآن من قدر صاحبه، فقد صح عن السيدة عائشة أنها ذكرت أن النبي قال: ” مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ ” | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. فحافظ كتاب الله يبلغ منزلة الملائكة والمصطفين من الخلق.

 

3- السعادة في الدارين: يعد حفظ القرآن الكريم من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد لخالقه، وهو سبب الفوز بالدنيا والآخرة، ونيل السعادة فيهما، والنجاة من العذاب الأليم، وذلك مصداقاً لما جاء عن النبي، أنه قال: ” لو جُمِعَ القرآنُ في إِهابٍ، ما أحرقه اللهُ بالنَّارِ ” رواه الدارمي في سنته، والطحاوي في (مشكل الآثار) وأحمد وغيرهم.

 

4- تتنزل الملائكة على حلقات قراءة القرآن، فمن حفظ القرآن، فهو يتلوه أكثر من غيره، ويعقد المجالس لقراءته، فقد ورد عن أبي هريرة، أنه قال، قال الرسول صل الله عليه وسلم: ” ما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ ” رواه مسلم.

 

5- يقدم على غيره في الإمامة، فالحافظ لكتاب الله والعالم بفرائضه هو خير الناس بالإمامة والرئاسة إن أطاق حملها.

 

6- يكون القرآن شفيعاً له عند ربه، فعن أبي أمامة أنه قال: سمعت رسول الله يقول: ” اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه “.

 

ما هي فوائد حفظ القرآن الكريم؟

إن فضائل حفظ القرآن الكريم لا حصر لها، فالمحافظة على تلاوته لها تأثير إيجابي على شخصية الإنسان، فهو يعزز النظام المناعي لديه، ويمنحه السلام النفسي والسكينة، ويقيه شرور الأمراض النفسية، ويسهم في تحقيق النجاح، ويمنحه السداد في الرأي والقرار، كما أنه مفتاح السعادة في الدارين.

 

ولقد ذهبت بعض الدراسات إلى التأكيد على فضل حفظ القرآن الكريم وتلاوته لما في ذلك من آثار إيجابية على كافة مناحي الحياة فالقرآن يؤثر إيجاباً على التحصيل العلمي والصحة النفسية والحالة الوجدانية والمزاجية، ويرفع من قدر المرء ويدفعه إلى السلوك الحسن، فهو يمتثل للأوامر والنواهي أكثر من غيره، ومن فوائد حفظ القرآن الكريم:

 

  • التمتع بذاكرة قوية.
  • الشعور بالغبطة والسعادة والسلام النفسي.
  • الاستقرار والتماسك الأسري.
  • نزع المخاوف التي تسيطر على النفس.
  • صفاء الذهن وقوة التركيز.
  • التمكن من فنون الخطابة والإقناع، وتحسين اللغة والفطنة في إدارة المنطق.
  • تعزيز الثقة بالنفس، وتوطيد الروابط والعلاقات الاجتماعية.
  • تطوير المدارك، والالتزام بالقواعد والأعراف.
  • القدرة على الفهم والاستيعاب والاستجابة السريعة.
  • سرعة البديهة، والتخلص من الغضب والانفعال.
  • التعافي من الأمراض التي يُصاب بها المرء.

 

خطوات وطريقة حفظ القرآن الكريم

إن طرق حفظ القرآن الكريم متعددة، ويجب في البداية أن لا يشك المرء في أنه لن يحفظه، بل تأكد وعزز ثقتك بالله وبنفسك بأنك ستحقق الهدف المرجو، وفي ذلك ضع لنفسك نموذجاً وقدوة تظل ماثلة أمامك لتعينك على التلاوة والحفظ، ولا يوجد أجدر من النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر. ولقد قسم البعض طرق حفظ القرآن وفقاً لعدة عوامل منها: الأنماط الشخصية، وذلك لوجود فروق فردية بين الشخص وغيره، ومن هذه الأنماط:

 

1- النمط البصري

وتعتبر من الطرق والوسائل العلمية التي تساعد على حفظ وترسيخ الآيات في ذهن الحافظ، حيث يستطيع الحافظ أن يتخيل الآيات التي يحفظها ويرسمها في ذهنه بالإضافة إلى استخدام المصحف، بحيث ينظر إليه ثم يحفظ رسم الآيات وتشكيلها بالنظر فيها، ثم يعلق المصحف، ويستحضر الآيات ورسمها وكأنها أمام عينيه.

 

2- النمط السمعي

فاستخدام حاسة السمع لحفظ القرآن من أكثر الوسائل الفعالة عند الأشخاص السمعيين، وذلك يحدث بأكثر من طريقة: أما بالتغني بقراءة آيات القرآن وترتيله أو من خلال تكرار الاستماع لقارئ مفضل لديك أو عن طريق أن تسجل ما تقرأه وتستمتع إليه وتعيد تسجيله أكثر من مرة لتصحيح الأخطاء.

 

3- النمط الحسي

فالشخص الحسي يسهل عليه حفظ القرآن الكريم بالتدبر في آياته والتمعن في معانيه ومدلولاته، بالإضافة إلى الإطلاع على أسباب النزول والإلمام بمختلف التفاسير، ويحدث ذلك بالارتياد على مجالس التحفيظ والتلاوة، واستثمار الوقت في التدبر وقيام الليل.

 

ولعل طريقة الحفظ بالتكرار من الطرق الشائعة في حفظ وتفسير القرآن الكريم، ويكون ذلك بتكرار الآية الأولى المراد حفظها عشرين مرة، ثم تكرار الآيات التي تليها بنفس الطريقة، كل آية على حدة بواقع عشرين مرة، ومن ثم يتم الربط بين هذه الآيات وتُكرر قراءتها عشرين مرة، مما يسهل حفظها، وعند حفظها، يتم الانتقال للآيات التالية، وحفظها بنفس الطريقة، كل آية بوقع عشرين مرة، ثم يتم الربط بينها، وعند الانتهاء من حفظ صفحة كاملة أو وجه واحد من المصحف، يتم تكراره عشرين مرة حتى يترسخ ويثبت، ويشرع الحافظ في حفظ جديد.

 

أهم النصائح لمن أراد حفظ القرآن الكريم

هناك العديد من النصائح والمقومات التي تعين الإنسان على حفظ وتعلم القرآن وتيسر له الطريق لتحقيق هذا الهدف المنشود، ومنها:

 

  1. اختيار الصحبة الصالحة التي تعين المرء على العبادة وتدفعه لمسالك الهداية والصلاح.
  2. اختيار المكان والوقت المناسبين لحفظ القرآن الكريم، وذلك لارتباط الذاكرة – لا إرادياً – بالمكان والزمان.
  3. تذكير النفس بفوائد حفظ القرآن وفضائله.
  4. أن تتخد القدوة التي تمهد لك الطريق للتلاوة والحفظ.
  5. الإدارك بأن القرآن هو سبيل النجاح والسعادة في الدارين، وهو وسيلة الاتصال بالله.
  6. الوعي بأن القرآن هو الشفاء لكافة الأمراض النفسية والعضوية.
  7. اختيار وقت محدد لحفظ القرآن الكريم، ويجب أن يخصص هذا الوقت للقرآن وحده.
  8. مجاهدة النفس على حب القرآن، وعدم الانقطاع عن تلاوته.
  9. لا تيأس إذا فشلت في الحفظ في بادئ الأمر، بل كرر المحاولة مراراً وتكراراً حتى يثبت ويترسخ في قلبك وعقلك.

أحاديث حول حفظ القرآن

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي جاءت في السنة النبوية الشريفة والتي تبين فضل حفظ القرآن الكريم وتلاوته، وقد ورد في الأحاديث النبوية:

 

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (الَّذي يقرأُ القرآنَ وهو ماهرٌ به مع السَّفَرةِ الكِرامِ البَررةِ، والَّذي يقرأُ القرآنَ وهو عليه شاقٌّ فله أجران). الراوي: عائشة، المحدث: البخاري في صحيحه.

 

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ، فَسَمِعَهُ جارٌ له، فقالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ). الراوي: عبدالله بن عمر، إسناده صحيح، أخرجه البخاري ومسلم.

 

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ). الراوي: أبو أمامة الباهلي، صحيح مسلم.

 

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ). الراوي: سعد بن أبي وقاص، المحدث: البزار في البحر الزخار.

 

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (إنَّ الذي ليسَ في جوفِهِ شيءٌ من القرآنْ كالبيتِ الخَرِبِ). الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الترمذي في سنن الترمذي.

 

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (يقالُ لصاحِبِ القرآنِ: اقرأْ وارقَ ورتِّلْ، كما كنتَ تُرَتِّلُ في دارِ الدنيا، فإِنَّ منزِلَتَكَ عندَ آخِرِ آيةٍ كنتَ تقرؤُها). الراوي: عبدالله بن عمر، المحدث: الألباني في صحيح الجامع

 

هل حفظ القرآن أفضل أم قراءته؟

لا ريب أن حفظ القرآن الكريم أفضل العبادات وأقربها إلى الله، وهو ليس واجباً وإنما سنة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنه فرض كفاية مع ضرورة حفظ منه ما يجب لإقامة الصلاة، فعلي الإنسان المسلم أن لا يفاضل بين الحفظ والقراءة، بل أن يجمع بين هذا وهذا، بأن يجعل وقتاً لقراءته وتدبره من أوله لآخره نظراً، وأن يكون له وقت آخر ليحفظ ما تيسر له من الآيات القرآنية.

 

فلا يترك النظر ولا يترك الحفظ، فإن حضر المسجد يقرأ نظراً، كأن يبدأ بالفاتحة ويستمر على هذا المنوال إلى أن يختم القرآن وهكذا مع التدبر وعدم التعجل، وأن يخصص أوقاتاً أخرى مناسبة لحفظ القرآن، إما بعد صلاة الفجر وإما أثناء الليل أو في آخر الليل.

 

وإذا خشي على نفسه النسيان، فلا يجب أن يمنعه ذلك من التحفظ والاجتهاد، ولو افترضنا أنه نسى منه شيء، فلن يضره، فالإنسان إذا تعلم من القرآن ما تيسر له، ثم نسى، فعليه العودة والدراسة والاجتهاد من جديد، ففي هذا الخير.

 

اجمل ما قيل في حفظ القرآن؟

إن منزلة حافظ القرآن لا يضاهيها منزلة أخرى، فهو في نعمة عظيمة وهبة من المولى -سبحانه وتعالى- وفي هذه النقاط التالية نستعرض أهم ما قيل في حفظ القرآن بعبارات التهنئة لحافظه:

 

يا حافظ القرآن هنيئاً لك هذا القبول في الأرض وفي السماء.

هنيئاً لمن من الله عليه بحفظ كتابه فقد اصطفاه من بين الناس جميعاً.

هنيئاً لك حفظ كتاب الله الكريم، هنيئاً لك هذا الأجرالعظيم والثواب الجزيل.

يا من جعلت كتاب الله رفيقاً لك في دربك، وأضأت بنور حروفه ظلام قلبك، هنيئاً لك فهذا والله هو الفوز الحقيقي.

تذكر أنك تحمل بين جنبيك آيات عظام، ودلائل قاطعات، فاجعلها حجة لك لا عليك.

هنيئاً لك فقد استعملك الله لحفظ كتابه في الأرض.

القرآن يشفع وينفع ويرفع، فرفعك الله به ونفعك به وجعله لك شفيعاً.

 

هل يأثم من لم يحفظ القرآن؟

لا ريب أن ثواب حفظ القرآن عظيم، ولكن السؤال هنا، هل يأثم من لم يحفظه؟ ذهب أهل العلم إلى القول بأنه لا يجب حفظ القرآن على كل شخص من الأمة، فهو فرض كفاية لكنه مستحب وفضيلة محمودة وتوفيق من الله.

 

والمقصود بأن حفظ القرآن فرض كفاية، أنه إذا قام به بعض الناس، سقط الإثم والوزر عن الباقين، فإن كنت تستطيع حفظه واجتهدت في ذلك، فيستحب لك أن تحفظه، فإن شق عليك الأمر، فاكتف بحفظ ما يقيم لك صلاتك، ولا إثم عليك في عدم الحفظ.

 

أكاديمية تحفيظ القرآن

بعد الاطلاع على فضل حفظ القرآن الكريم، تستطيع الآن التواصل مع أكاديمية وحي يوحى، أكاديمية قرآنية، تعليمية وتربوية تهدف لتعليم القرآن الكريم عبر الأون لاين لمختلف الجنسيات، وتعني بكتاب الله والتدبر في آيات الذكر الحكيم، كما تستهدف تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها باستخدام أحدث التقنيات و بالاستعانة بنخبة من أفضل الكوادر التعليمية.

 

المصادر والمراجع

islamway

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart