يعد علم العقيدة الإسلامية أحد أهم فروع العلوم الإسلامية، الذي يهتم بدراسة المعتقدات الدينية والمفاهيم الأساسية التي يعتنقها المسلمون، ويتأسس على الإيمان بوحدانية الله ورسالة نبيه محمد، ويهدف إلى توضيح المفاهيم الإسلامية، وتفسير المعتقدات الدينية، وتحليل النصوص الدينية والتعرف على مصادرها، ودراسة مختلف الآراء والمدارس الفكرية في هذا العلم، ويعد علم العقيدة الإسلامية أحد العلوم التي يسعى العلماء والمفكرون المسلمون إلى تطويرها وتحديثها، وتوظيفها لتفسير التحديات الحديثة التي تواجه المجتمع الإسلامي في العصر الراهن.
ما هو تعريف علم العقيدة لغة واصطلاحاً؟
علم العقيدة الإسلامية في اللغة، يقصد به العقد، أي الشد والربط والوثاق المحكم، والوثاق المحكم هو القوة في الأمر، والشدة في نفاذه، ومتانته وإحكامه، أما في الإصطلاح، يقصد به التصديق والإيمان التام الجازم بما أمر به الله تعالى في محكم تنزيله، فيكون الإيمان بالوحدانية كامل ومطلق في القلب مثل العقدة أو الوثاق المتين الذي لا ينقطع ولا ينفصل، والعقيدة من الاعتقاد، بمعنى الإيمان بالله دون غيره، والجزم بما جاء دون تفريط.
أهمية العقيدة في الإسلام
العقيدة في الإسلام هي أساس الإيمان وجوهر التدين، وتعني الإيمان بالله ورسله والملائكة والكتب السماوية والقدر الذي قدره الله على الخلق، ويمكن القول إن علم العقيدة الإسلامية يعتبر أساسًا مهمًا في بناء شخصية المسلم، وتوجه حياته نحو الهدف الأسمى، وتعزز القيم الإنسانية العالية مثل التسامح والتعايش السلمي والثقة بالله. وهي من أهم المفاهيم التي تحدد هوية المسلم وتوجه حياته. وتلعب العقيدة الصحيحة دورًا هامًا في حياة المسلم، حيث تشكل الأساس لفهم الإسلام وممارسته، ومن أهم أسباب أهمية العقيدة في الإسلام:
- توحيد الله: العقيدة تؤكد على التوحيد الحقيقي لله، وتعلم المسلمين بأن الله هو الخالق الوحيد الذي يستحق العبادة والإجلال.
- توجيه الحياة: العقيدة توجه حياة المسلم، حيث تعلم المسلمين بأن الحياة في الدنيا ليست الهدف الأسمى، وإنما الهدف الأسمى هو الوصول إلى الجنة ونيل القرب من الله.
- الاعتدال والتوازن: العقيدة الإسلامية تحث المسلمين على الاعتدال والتوازن في حياتهم، وتحذرهم من الانغماس في الدنيا والتعصب الزائد لأي فكرة أو مذهب.
- التسامح والتعايش السلمي: العقيدة الإسلامية تعلم المسلمين ضرورة التسامح والتعايش السلمي مع الآخرين، بغض النظر عن اختلاف العقائد والثقافات.
- الحث على العمل: حيث تدعو العقيدة المسلمين نحو العمل وعبادة الله والنهي عن المنكر والأمر بالمعروف باعتبار الإنسان خليفة الله في الأرض.
- الشفاء: العقيدة تعد بالشفاء الروحي للمسلمين، وتساعدهم على التغلب على الأحزان والتجارب الصعبة في الحياة، وتمنحهم الراحة النفسية والطمأنينة.
ما هي خصائص العقيدة الإسلامية؟
تتميز العقيدة الإسلامية بخصائص تجعلها تتفرد بنفسها بعيداً عن أي عقيدة أخرى، ومن هذه الخصائص الآتي:
1- الشمولية
من خصائص العقيدة الإسلامية، أنها عقيدة متكاملة وشاملة وليست مقتصرة على شعب أو قوم معين، بل جاءت لجميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها، كما تصلح لكل زمان ومكان، ولا تنحصر في حقبة بعينها، فليس الإسلام دين ناقص أو وضعي يلبي حاجات المرء في مكان معين، وزمان محدد، بل جاء كاملاً وشاملاً.
2- التوقيفية
العقيدة الإسلامية عقيدة توقيفية، أي أنها من المولى -سبحانه وتعالى- ووصلنا إليها عن طريق الأدلة الشرعية والسنة النبوية والمصادر النقية، فهي مستمدة من الكتاب والسنة، وقد أوقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمته على أصول العقيدة والالتزام بما جاء فيها.
3- الغيبية
ويقصد بالغيبية، أن العقيدة الإسلامية ترتكز على البحث عن القضايا التي يصعب على العقل الإنساني إدراكها أو الإلمام بها، فهي قضايا غيبية يصدق فيها المسلم ويسلم بها ويلتزم بما جاء فيها دون جدال أو خوض في معالمها إلا ما كان فيه بيان يلزم الحجة.
4- الوسطية
العقيدة الإسلامية وسطية لا تفريط فيها ولا إفراط، حيث جاءت لتحقق التوازن والعدل والحفاظ على الخيرية، فهي ليست كالشرائع السابقة التي اتهمت الله زوراً وبهتاناً بما لم يخبر به عن نفسه، وإنما جاءت لتبيان الحقائق وإزالة اللبس.
5- التوازن
ومن الوسطية، يأتي التوازن، فهذه العقيدة تتفرد بنفسها عن باقي الشرائع والعقائد في وسطيتها واعتدالها، حيث نجد التوازن في كل شيء، العمل والمال والمتع والمعارف والقوى والعبادات، فهي عقيدة متزنة ودقيقة في أحكامها ومناحيها.
اقرأ أيضاً عن: الأخلاق الإسلامية
ما هي مصادر العقيدة الإسلامية؟
العقيدة الإسلامية تعتمد على مصدرين لا ثالث لهما، وهما:
- القرآن الكريم: وهو كتاب الله الذي وردت فيه آيات الذكر الحكيم، والتي منها استمدت العقيدة أسسها وأصولها.
- السنة النبوية الشريفة: وهي الوحي الذي نزل على سيد الخلق، والذي بينه لأمته ودلهم عليه وهداهم به.
أركان العقيدة الإسلامية
العقيدة الإسلامية تقتضي على صاحبها الإيمان والجزم بما جاء في الدين الإسلامي، وذلك بأن يؤمن بالآتي:
- أن الله ربه.
- أن محمد نبيه.
- الإيمان بالأنبياء والرسل.
- الكتب السماوية.
- الملائكة.
- القدر خيره وشره.
أثر العقيدة الإسلامية علي الفرد والمجتمع
إن العقيدة الإسلامية الصحيحة لها أثر -لا غبار عليه- على الفرد والمجتمع من حوله في تحقيق النجاح، وتعزيز السلوكيات، وتعديل الخصال الذميمة، وتزكية القلب بما فيه الخير، الأمر الذي ينعكس -إيجاباً- على البيئة أو المجتمع الذي يقطن فيه، وهذا بيان لهذه الآثار:
1- أثر العقيدة الإسلامية على الفرد
- الاحتكام لكتاب الله وسنة نبيه.
- البعد عن التواكل أو التكاسل.
- حب الخير والإيثار.
- التحلي بالخصال الحميدة.
- عزة النفس ورحابة الصدر.
- التخطيط وتصحيح المسار.
- النشاط والفاعلية والانتاج.
2- أثر العقيدة الإسلامية على المجتمع
- الحفاظ على التاريخ والاحتفاء به.
- العراقة والروابط المتينة بين أفرادها.
- إخراج الأمم من الضلال للنور.
- مساعدة الغير، والوقوف بجانب الجميع.
- الالتزام بما جاء في العقيدة الصحيحة في حالات الحرب والسلم.
- الترابط العقدي في التضامن والعدل وائتلاف القلوب.
- الاعتزاز بالنسب، والافتخار بالأصل.
اقرأ أيضاً عن: ملامح الشخصية الإسلامية
أهم موضوعات العقيدة في الاسلام
موضوعات العقيدة في الإسلام تتمحور حول ثلاث قضايا أساسية، وهذا بيان لها:
- الله: أي كل ما يتعلق بالله في الصفات والتنزيه والتوحيد وحق العبادة.
- الرُسل: أي كل ما يتعلق بهم في الاتباع والجواز والاستحالة والوجوب.
- الغيبيات والسمعيات: أي ما يجب الإيمان والتسليم والتصديق به مما نسمع عنه أو مما لا نراه.
أهم مسميات العقيدة الإسلامية
من مسميات العقيدة الإسلامية التي استعملها العلماء وإن لم ترد في القرآن أو السنة، مسمى (الشريعة) عند الإمام الآجري أو مسمى (الفقه الأكبر) مثلما جاء عند الإمام أبو حنيفة، ومن أبرز مسميات العقيدة في الإسلام:
1- الإيمان
قال الله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الشورى: 52]
2- السنة
قال النبي -صلى الله عليه وسلم: “فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ” [صحيح، المحدث: الألباني، المصدر: صلاة التراويح] كما قال: “أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي” [صحيح، رواه: أنس بن مالك، المحدث: البخاري في صحيحه]
3- التوحيد
قال -صلى الله عليه وسلم-“ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ” [صحيح، رواه: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري في صحيحه]
اقرأ أيضاً عن: الفقه الإسلامي
أسس العقيدة في الاسلام
ترتكز العقيدة في الإسلام على عدة أسس، ومن أهمها:
- التوحيد: الإيمان بوحدانية الله، وأن الله هو الخالق الذي يستحق العبادة ويتفرد به، وأنه لا شريك له.
- النبوة: الإيمان بأن الله اختار الأنبياء والرسل لينقلوا رسالته إلى الناس، وأن نبينا محمد هو خاتم الأنبياء والرسل وهو الذي انتقلت عنده رسالة الإسلام.
- الكتاب: الإيمان بالكتب السماوية السابقة، وأن القرآن الكريم هو كلام الله الذي نزل على نبينا محمد، وهو الكتاب الذي يحتوي على الإرشاد والهدى للبشرية.
- الملائكة: الإيمان بالملائكة، وأنها مخلوقات من خلق الله، وأنها تعمل بأمر الله في خدمة المؤمنين وتنفيذ مشيئته.
- اليوم الآخر: الإيمان باليوم الآخر، وأن الإنسان سيحاسب على أعماله في الدنيا، وسيجازى على حسب أعماله بالجنة أو النار.
- القدر: الإيمان بالقدر، وأن الله قد قدر كل شيء، وأنه يعلم كل شيء قبل أن يكون، وما يحدث في الدنيا يحدث بمشيئته.
أكاديمية لتعليم علم العقيدة
تعتبر أكاديمية وحي يوحى من الأكاديميات المختصة في تعليم العقيدة الإسلامية للفرد المسلم لكي يعمل بمقتضى أحكامها، ويلتزم بأوامرها ونواهيها بعيداً عن اللغو، كما تسعى الأكاديمية في خدمة الإسلام ببرامج ودورات تدريبية لتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم اللغة العربية للناطقين وغير الناطقين بها، فضلاً عن أحكام التجويد والتلاوة والنطق الصحيح لمخارج الحروف.
اقرأ أيضاً عن: الأحكام الشرعية
ما هو الفرق بين العقيدة و الشريعة؟
1- العقيدة: هي المعتقدات الدينية التي يؤمن بها المسلم، وتتعلق بالإيمان بوحدانية الله، والنبوة، والكتاب، والملائكة، واليوم الآخر، والقدر. وتتمحور العقيدة حول الإيمان بالله وما أوحى به، وتوجه المؤمن نحو الله وتحدد علاقته بالله.
2- الشريعة: هي مجموعة من الأحكام والتوجيهات الشرعية التي تنظم حياة المسلمين في جميع جوانبها، وتشمل العبادات والمعاملات والأخلاق والسلوكيات، وتحدد الحلال والحرام، وتميز بين الحق والباطل، وتوجه المسلم في سلوكه وأفعاله، وتمثل الطريقة التي يتبعها المسلمون في حياتهم اليومية.
وبشكل عام، يمكن القول إن العقيدة تتعلق بالإيمان والمعتقدات الدينية، في حين أن الشريعة تتعلق بالأعمال والتصرفات اليومية، ومن المهم فهم العلاقة بينهما، حيث أن العقيدة هي الأساس الذي تقوم عليه الشريعة، والشريعة تمثل الطريقة التي يتم بها تطبيق العقيدة في حياة المسلمين.
هل الإسلام عقيدة ام شريعة؟
الإسلام هو دين يجمع بين العقيدة والشريعة، حيث تتأسس العقيدة في الإسلام على إيمان المسلمين بوحدانية الله ورسالة نبيه محمد، وتتحدد الشريعة في الإسلام على الأحكام والتوجيهات الشرعية التي تنظم حياة المسلمين في جميع جوانبها.
ويعتبر الإيمان بالعقيدة أساساً لا غنى عنه في الإسلام، حيث يجب على المسلمين الإيمان بوحدانية الله ورسالة نبيه محمد، وتتحدد علاقتهم بالله بناءً على ذلك الإيمان. وتعتبر الشريعة في الإسلام دليلاً عملياً لتحقيق هذه العلاقة، حيث تضم الأحكام والتوجيهات التي تنظم حياة المسلمين في العبادات والمعاملات والأخلاق والسلوكيات.
وبالتالي، فإن الإسلام لا يمكن تصنيفه فقط كعقيدة أو شريعة، بل هو دين يجمع بين العقيدة والشريعة، وتتكامل العلاقة بينهما في تحقيق هدف واحد، وهو إقامة علاقة صحيحة بين المؤمن وربه، وبناء مجتمع يتمتع بالعدل والمساواة والرحمة والتعاطف والتعاون.
اقرأ أيضاً عن: علم القراءات القرآنية