إن تعلم قراءة القرآن الكريم من الأمور التي تزيد الأجر وترفع الهِمة وتضمن الثواب، فهي تبعث في القلب السكينة والطمأنينة، وتنير الدرب لسالكه، وتخفف من وطأة العيش، فقارئ القرآن يتمكن من اجتياز الأنكاد ومنغصات الحياة، ويعتصم بحبل الله عند اشتداد المحن، أما الهاجر لكتاب الله يظلم نفسه ويتكبد العناء في الدارين الدنيا والآخرة، وفي هذا المقال نوضح أسس القراءة الصحيحة وطرق تعلم قراءة القرآن وكيفية تعلمه.
معنى قراءة القرآن بطريقة صحيحة
إن تعلم قراءة القرآن بصورة صحيحة تعني توضيح مخارج الحروف والتروي في أدائها لفهم معانيها ومدلولاتها، بحيث يعطي القارئ لكل حرف حقه من ناحية المخرج، ومستحقه من جانب أحكام التجويد، فالقراءة الصحيحة للقرآن الكريم تؤدي إلى فهم المعاني المقصودة من كلمات السور والآيات.
إذن فالمراد بالقراءة الصحيحة، قراءة كل حرف من حروف القرآن قراءة سليمة خالية من أي نقص أو عيب وذلك بإظهار الصفات والمخارج التي تميز كل حرف عن غيره من الحروف، وقد ورد في السنة النبوية الشريفة ما يبين فضل القراءة الصحيحة لكتاب الله والترتيل السليم له، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي موسى الأشعري حين استمع إلى قراءته: “لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود”
فضل تعلم قراءة القرآن الكريم
إن تعلم قراءة القرآن الكريم وتلاوته بأحكام التجويد والحرص على فهم معانيه وتعلمه من أشرف العلوم وأعظم الأعمال عند الله -عز وجل- فلا يوجد ما هو أعظم من كلام الله تعالى، فهو الكتاب الذي لا ريب فيه هدًى للمتقين، وأصدق الكتب وأجلها وأفصحها بلاغة وكلاماً، لقوله تعالى في سورة فصلت: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
ومن حرص على قراءة القرآن الكريم والتخلق بآدابه، نال من ذلك فضائل لا حصر لها، ومن فضائل تعلم القرآن:
- الشفاعة يوم القيامة.
- زيادة الأجر ومضاعفة الحسنات ونيل الثواب العظيم.
- يحظى صاحبه بمرتبة الخيرية، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.
- لقارئ القرآن حصانة من الوقوع في الفتن والشبهات، كما يمنع الأيادي الخاطئة من الوصول إليه.
- نيل مرتبة السفرة الكرام البررة، عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ”.
- رفع مكانته درجات في الدنيا لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين”.
شروط تعلم قراءة القرآن
تعد قراءة القرآن من العبادات التي يتقرب بها العبد لخالقه، لكنها قراءة تتطلب شروط وآداب، منها ما هو واجب، وما هو مستحب، كما يعد الحرص على هذه الشروط مرغوب فيه لتحقيق الخشوع والحصول على كامل الأجر. وهذه الشروط منها ما هو قلبي، وما هو ظاهري، وهذا بيان نوضح فيه شروط تعلم قراءة القرآن:
1- الشروط القلبية
تتعلق هذه الشروط بالقلب، أي داخل الإنسان، فإن تحلى الداخل بالآداب، تجمل الظاهر، ومنها:
- أن تكون النية خالصة لوجه الله عند قراءة القرآن الكريم، فلا يراد من هذه العبادة غاية أو رفعة، بل يستحضر العبد ربه في قلبه، ويعظم من شأنه، فتعظيم الخالق في القلب، يحجم من أمر الدنيا.
- النأي بالنفس عن بواطن الفتن ومواضع الشبهة، والتوبة والهداية وإتقاء المحرمات لأنها تميت القلب، وتضع بين العبد وخالقه حجاب من الغلظة تجعله لا يتأثر بمعاني القرآن.
- حضور القلب مع نزع النفس عند القراءة.
- تدبر آيات الذكر الحكيم والامتثال لأوامر الله، ومعرفة أحكامه وفهم كل كلمة وحرف يُقرأ.
- أن يضطرب القلب مع معاني الآيات والسور، وأن يتفاعل معها كأنها حية.
- ما تقرأه اعتبره موجهاً لك، فكل خطاب في القرآن الكريم هو لك.
- لا تفقد تركيزك بسبب موانع الفهم، كأن تهتم بأحكام التجويد على حساب فهم الآيات.
2- الشروط الظاهرية
وهذه الشروط منها ما هو واجب، وما هو مستحب، وهي كالتالي:
1- الشروط الواجبة
الوضوء والتطهر قبل قراءة القرآن، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا يمس القرآن إلا طاهر” فلا يجوز للجنب القراءة من المصحف حتى يغتسل، قال تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) حيث يتوجب على المرأة أن تتطهر عند الحيض والنفاس.
2- الشروط المستحبة
من الشروط المستحبة والآداب الرفيعة عند قراءة القرآن الكريم أن ترتدي المرأة حجابها عند القراءة أو تلبس ثياب صلاتها، ولم يرد دليل شرعي في ذلك سواء من القرآن أو السنة لكنه أمر مستحب.
وهذه بعض الشروط المستحبة أيضاً:
- استخدام السواك قبل القراءة.
- استقبال القبلة.
- التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والبدء باسم الله الرحمن الرحيم.
- عقد النية عند القراءة.
- الحفاظ على قواعد الترتيل والتجويد.
- لا تنشغل عن القراءة أو تقطعها بكلام غير مجدي.
كيفية تعلم قراءة القرآن
إن تعلم القرآن والتخلق بتعاليمه وآدابه عبادة من العبادات التي تشفع لصاحبها يوم القيامة، والمقصود بتعلم القرآن أن يُنطق كل حرف بصورة سليمة وذلك بأن تُظهر مخارجه وصفاته مع التروي عند القراءة وتطبيق أحكام التجويد بشكل صحيح، ومن ثم فإن تعليم قراءة القرآن الكريم للكبار مثله مثل تعليم قراءة القرآن للأطفال، فالأمر سيان متى اتبع المريد الوسائل المُعينة للتعلم والتدبر، وتنقسم هذه الوسائل إلى وسائل معنوية وأخرى مادية.
1- الوسائل المعنوية
وهي الوسائل القلبية الجوهرية التي يحملها الإنسان في داخله وتحثه على قراءة القرآن الكريم وتعلمه، ومنها:
1- الإرادة والعزيمة
لا بد من توافر العزيمة للبدء في تعلم القرآن الكريم والمواظبة عليه، فإن كثرت الصعاب والعراقيل، تذللت وهان عليك الطريق، فيكون الأجر مضاعفاُ والثواب عظيماً.
2- النية
يجب أن تكون النية خالصة لوجه الله تعالى، وأن تتجدد باستمرار، فقبل الشروع في تعلم القرآن الكريم، قم بالصلاة ركعتين بنية خالصة ليعينك الله على هذه الخطوة وييسر لك تعلمه.
3- الصبر
لا شك أن العقبات والصعاب كثيرة عند البدء في تعلم القرآن الكريم، فقد تواجه صعوبات تتمثل في الإتقان والنسيان وتصحيح الأخطاء وغيرها، لذا يجب أن تكون صبوراً ومجاهداً لنفسك مستحضراً للأجر العظيم الذي تناله من الله سبحانه وتعالى.
2- الوسائل المادية
والمقصود بها الوسائل التي يمكن الاستعانة بها لتعلم القرآن وتلاوته، وهي:
1- المشافهة
وذلك عن طريق تلقى القراءة الصحيحة من معلم القرآن مباشرة مع التأكد من طريقة المشافهة، قال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) حيث يقوم المعلم بترديد ما سمعه مشافعة على معلمه.
2- المصحف
يفضل الحصول على مصحف كبير الحجم، وأن تكون أحرفه ملونة لكي يستحضر القارئ أحكام التجويد والتلاوة وتطبيقها أثناء القراءة.
3- القارئ المتقن
لتعلم القرآن الكريم يجب الاستماع لشيخ متقن، فهناك الكثير من التسجيلات الصوتية لشيوخ ثقات على المواقع الإلكترونية، مثل: الشيخ الحصري، والشيخ محمد صديق المنشاوي وغيرهم ممن يظهر في تلاوتهم الجمال وحسن الأداء.
طريقة تعلم تلاوة القرآن الكريم
لا بد على المسلم من تعلم قراءة القرآن وحفط بما يكفيه لأداء فرائضه، فهو ليس واجباً وإنما فرض كفاية، ومع ذلك فإن تعلمه فيه فضائل لا حصر لها، كما أن قراءة القرآن الكريم بالأحكام تزيد من حسنات المرء، وتضاعف له الأجر والثواب عند الله، وهناك ثلاث أمور هامة لا يجب أن نغفل عنها لتلاوة القرآن الكريم بشكل سليم، وهي:
1- التلقي عن شيخ متقن
فمن أفضل الطرق لتعلم تلاوة القرآن الكريم أن تكون رفيقاً لشيخ متقن له دراية بأحكام التلاوة، فتسمع منه حتى تصبح متقناً مثله، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلقن أصحابه القرآن تلقيناً، وكان يقرأ عليهم السورة مرتلة ومجودة حتى يتقنوا تلاوته.
2- تعلم أحكام التجويد
تعلم أحكام التجويد يعين المرء على تعلم تلاوة القرآن الكريم، فأحكام التجويد تحسن الأداء، وتعين على الحفظ، وتصحح نطق الحروف ومخارجها، وتبعد القارئ عن التلحين المبالغ فيه عند التلاوة.
3- تكرار سماع القرآن
على القارئ أن يكثر من سماع القرآن الكريم من شيخ متقن، فهناك الكثير من التسجيلات التي تعين على تعليم قراءة القرآن بالصوت والصورة والتي من السهل الاستفادة منها لتلاوة القرآن بشكل سليم، فالسماع وحده لا يكفي ولا يغني عن وجود شيخ أو معلم متقن تتعلم منه وتكرر خلفه.
هل تقبل قراءة القران بدون تركيز؟
على المرء أن يظل لسانه رطباً بذكر الله، فإن كان الصحيح في الذكر، الجمع بين اللسان والقلب إلا أن العلماء قد قالوا أن الإنسان ولو كان مشغولاً أو هناك ما يشتت تركيزه وفكره إلا أن لسانه يذكر الله، فذلك جائز، ويكون أجره على ذلك، فقراءة القرآن الكريم مستحبة في كافة الأحوال سواء كانت في أعلى مراتب التركيز أو كنت فاقداً لها، فلا يجوز الامتناع عن قراءة القرآن لغياب التركيز، بل واظب على القراءة التي سوف تجلب لك الخشوع والتركيز رويداً رويداً.
أكاديمية تعليم القرآن
يجد البعض صعوبة في الوصول لدار لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم وذلك لعدم وجود مساحة كافية في ظل الظروف وضغوط الحياة اليومية، فالبعض يبحث عن مكان قريب أو مواعيد تناسب ظروف العمل والدراسة، وهذا الأمر أصبح متاحاً الآن عند الانضمام لإحدى الأكاديميات المتخصصة في تحفيظ القرآن عبر الإنترنت.
اكاديمية وحي يوحى لتعليم القران تعد من أفضل الأكاديميات المعاصرة التي تتخصص في تعليم قراءة القرآن وأحكام التجويد وتعليم اللغة العربية وتلاوة القرآن الكريم أون لاين والتي توفر سهولة التعلم في المنزل أو مقر العمل، ويكون التواصل عن طريق الجوال أو استخدام الحاسوب المنزلي أو المتنقل.