إن تلاوة القرآن الكريم لهي عبادة قد حثتنا عليها الشريعة الإسلامية لما لها من أهمية كبيرة تعود على الفرد والمجتمع من حوله، وذلك لقراءة الكتاب الذي أنزله الله تعالى على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بتلاوة صحيحة ومؤثرة. كما أن تلاوة القرآن من الأعمال الصالحة الجليلة، وهي من أكثر الأعمال المحببة إلى الله تعالى، وفي هذا المقال نستعرض أبرز قواعد التلاوة الصحيحة مع توضيح أهميتها والطريقة المثلى لقراءة القرآن وفقاً للتلاوة السليمة.
ما هو تعريف تلاوة القرآن؟
تلاوة القرآن الكريم هي قراءة نصوص وآيات القرآن الكريم بشكل صحيح وواضح مع مراعاة أحكام التجويد، وهي فن من فنون القراءة العربية يعني بتلاوة آيات الله بأفضل الأساليب والتقنيات الممكنة، ويتميز المقرئ الماهر بأدائه للتلاوة بتأثير عميق على السامعين، حيث يستطيع في التلاوة الجمع بين الجمال اللغوي والدلالة الروحية، كما ينقل الرسالة الإلهية بطريقة مؤثرة ومفهومة، ولاك شك أن تلاوة القرآن الكريم من العبادات ذات الأهمية الكبرى في الإسلام، وتعد من أساسيات تعلم القرآن الكريم وفهمه وتدبر معانيه.
فضل قراءة وتلاوة القرآن
تحمل قراءة وتلاوة القرآن الكريم العديد من الفضائل والتي من بينها:
- الإيمان والتقوى: فقراءة وتلاوة القرآن تعزز الإيمان وتحث على الالتزام بالتقوى، وتساعد على تعزيز الوعي الديني والروحي للإنسان.
- القرب: فالتلاوة سبب من أسباب القرب بين العبد وربه، وتعزز في وجدانه الشعور بمدى الوجود الإلهي.
- البركة والرحمة: حيث تجلب تلاوة القرآن البركة والرحمة من الله، وتعمل على تنزيل السكينة والطمأنينة في النفس.
- الحفظ والتدبر: حيث تساعدعلى حفظ القرآن وفهم معانيه وتدبرها.
- الثواب والأجر العظيم: من الله -سبحانه وتعالى- وتعد من الأعمال الصالحة التي يزيد بها الإنسان في حسناته.
- السعادة: حيث تجلب لصاحبها السعادة في الدارين، وتحقق له الرضا النفسي والمعنوي.
ما هي أهمية تلاوة القرآن؟
تلاوة القرآن الكريم ليست عادة وإنما عبادة يتقرب بها العبد من خالقه، وتتمثل أهميتها في الآتي:
- القرب من الله: فالتلاوة عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله.
- الاطمئنان النفسي: فالتلاوة تعمل على تهدئة النفس وتخفيف القلق والتوتر، وتمنح الإنسان الراحة النفسية والسكينة.
- الحفظ والتدبر: حيث تساعد في حفظ القرآن ومراعاة أحكامه، كما تسهم في فهم معانيه وتدبرها، وتعزز الوعي الديني للإنسان.
- الشفاء الروحي: كما تعمل على تنقية النفس وتطهيرها، وتعيد الروح إلى حالة الاستقرار والصفاء، وتحرر الإنسان من الشياطين والأفكار السلبية.
- التأثير الإيجابي على المجتمع: فالتلاوة تعمل على نشر السلام والطمأنينة في المجتمع، كما تحث على العمل الصالح والتعاون والتآخي، وتعزز القيم الإنسانية العالية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تلاوة القرآن لها مردود إيجابي على الصحة العامة، وأساليب العيش الإيجابي، كما ينصح بها الأطباء والمختصون في الصحة النفسية، حيث إنها تعمل على تقوية الذاكرة وتعزيز التركيز وتخفيف التوتر والقلق.
اقرأ أيضاً عن: ترتيل القرآن الكريم
ما هي الطريقة الأفضل لتعلم تلاوة القرآن الكريم؟
هناك عدة طرق لتعلم تلاوة القرآن الكريم، ومنها:
- اللجوء إلى المعلم المتخصص: فالمعلم المتخصص في أحكام التجويد والتلاوة يستطيع توجيه الطالب وتدريبه على أسس التلاوة بشكل صحيح.
- المصاحف الصوتية: حيث يمكن للمتعلم الاستماع إلى المصاحف الصوتية المسجلة بأصوات المقرئين الماهرين لتعلم التجويد والتلاوة.
- استخدام تطبيقات الهواتف الذكية: تتوفر العديد من التطبيقات التي تساعد على تعلم التجويد والتلاوة وتحسين مهارات القراءة.
- حضور الدورات التدريبية: حيث تعقد دورات تدريبية لتعليم التجويد والتلاوة في المساجد والمراكز الإسلامية، ويمكن للطلاب الالتحاق بها لتحسين مهاراتهم في التلاوة.
ومن المهم أيضًا الاهتمام بتعلم اللغة العربية وفهم معاني القرآن الكريم، حيث يساعد ذلك على تحسين التلاوة وفهم المعاني الدقيقة للكلمات والآيات. كما ينصح بالمداومة على تلاوة القرآن الكريم بانتظام والاستماع إلى تلاوات المقرئين الماهرين لتحسين المهارات وتطوير الأسلوب اللغوي.
هدي النبي تلاوة القرآن الكريم
لقد قرأ رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام- آيات الذكر الحكيم بأحوال متباينة، فقد قرأه مضجعاً وقاعداً وقائماً ومتوضئاً ومحدثاً، ولم يمنعه عن قراءة القرآن الكريم إلا الجنابة، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ القرآن متغنياً به، ويرتله دون عجالة أو هذٍ، وقد حثنا على تلاوته بالصورة التي تليق به لكي يثبت في النفس، ويكون محفوظاً في الصدور قبل السطور، وفي ذلك آية للمتقين.
أحكام تلاوة القرآن
توجد بعض الأحكام الشرعية لتلاوة القرآن والتي على القارئ أن يتحلى بها ويعمل بموجبها عند قراءة آيات الذكر الحكيم، ومن قواعد تلاوة القرآن:
- أن يقصد وجه الله -تعالى- عند التلاوة.
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
- تحديد الوقت والمكان المناسبين لتلاوة القرآن.
- أن يكون على طهارة ظاهرة وباطنة من الخبث والحدث والآثام والذنوب.
- أن يكون نظيف الثوب، حسن الطلعة والهيئة، مُستقبل القبلة.
- التسوك قبل القراءة.
- خشوع القلب والجوارح عند تدبر الآيات.
- ألا يقطع تلاوته أي أمر من أمور الدنيا إلا لو كان ضرورياً.
- فهم ما يقرأ والعمل به.
اقرأ أيضاً عن: تحسين الصوت في قراءة القرآن
آداب تلاوة القرآن الكريم
يمكن توضيح آداب تلاوة القرآن الكريم وفقاً لما على القارئ أن يراعيه قبل التلاوة وأثناء التلاوة وبعد التلاوة وذلك استنادً على ما يلي:
1- آداب ما قبل التلاوة
وهي الآداب والسلوكيات التي يجب على القارئ التحلي بها ومراعاتها قبل تلاوة القرآن، مثل:
1- الإخلاص
بأن يقصد العبد من التلاوة وجه الله -تعالى- وأن لا يكون لتلاوته غرض دنيوي، فالهدف هو الرضا وابتغاء الأجر والثواب، قال المولى -عز وجل- في محكم تنزيله: {وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]
2- الوضوء
إن قراءة القرآن دون وضوء أمر جائز لكنه غير مُحبب، حيث يسن لقارئ القرآن أن يقرأ آيات الله وهو متوضئ، فذلك أفضل له، فإن لم يكن الماء متاحاً للوضوء، بامكانه التيمم.
3- السواك
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “السِّواكُ مَطهرةٌ للفمِ، مَرضاةٌ للرَّبِّ” [صحيح، الراوي: عائشة أم المؤمنين، المصدر: طرح التثريب] وقد استحب الفقهاء وسن العلماء استعمال السواك قبل تلاوة القرآن، فما يخرج من فم القارئ عند القراءة يدخل في فم المولى.
4- النظافة
ويقصد بالنظافة هنا، أن يكون المكان المخصص للقراءة نظيفاً، ولذلك فضل العلماء المسجد لقراءة القرآن لعظم المكان ونظافته، ولا يعني ذلك، ألا يقرأ المرء القرآن في الطريق أو في أي مكان، ولكن يشترط أن لا ينشغل عن القراءة بالمؤثرات الخارجية، لذلك تُكره القراءة في الأماكن التي يكثر بها انشغال العبد.
5- الاستعاذة
وذلك لقوله -تعالى-: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] بأن يقول العبد: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم” قبل قراءة القرآن.
6- استقبال القبلة
إن قراءة القرآن سواء كان القارئ مضجعاً على الفراش أو قاعداً أو قائماً أمر جائز ولا خلاف في ذلك، ولكن يسن للقارئ أن يستقبل القبلة عند القراءة، ففي ذلك خشوع ووقار لعظم ما يقرأ.
7 التطيب
وذلك لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فعند عقد العزم على تلاوة القرآن، يُستحسن التطيب وأن يكون اللباس نظيفاً وطاهراً.
8- البسملة
بأن يقول العبد عند قراءة القرآن الكريم: “بسم الله الرحمن الرحيم” عدا سورة التوبة.
2- الآداب أثناء التلاوة
وهذه بعض الآداب التي ينبغي التحلي بها عند تلاوة القرآن الكريم:
- عند التثاؤب، توقف عن القراءة.
- عدم المبالغة في الحركة والتشتت بالمؤثرات الخارجية.
- القراءة بتدبر وفهم لمعاني القرآن.
- الخشوع واستحضار القلب.
- عدم التسرع في القراءة، فليس الغرض كثرة القراءة.
- التغني بالقرآن وترتيله وفقاً للأحكام والضوابط.
- البكاء عند التلاوة، فتلك علامة على الصلاح.
- الإسرار أفضل من الجهر في حال الخوف من الوقوع في الرياء.
- الوقوف عند آيات الوعد والوعيد.
3- آداب ما بعد التلاوة
آداب ما بعد التلاوة تعد بمثابة سلوكيات عامة يجب على القارئ الالتزام بها والعمل بموجبها، ومنها:
- تحكيم القرآن في شؤون الدنيا.
- العمل بتعاليم الإسلام والالتزام بأحكامه.
- التوكل على الله والاستعانة به وكثرة ذكره.
- النأي بالنفس بعيداً عن الشبهات والشهوات.
- نزع الكبر من النفس، والتحلي بخصال الصالحين.
- التواضع لمن هم أقل درجة.
- القراءة في كتب التفسير لتدبر الآيات بفهم أكبر وأدق.
- أن يستقر القرآن في القلب ويثبت به باعتباره منهج للحياة.
- التعهد بالعمل بآيات الله وتوقير كلامه وتعظيمه.
- لا تترك القرآن لمن لا يقدر قيمته، ولا تضع فوقه أي شيء.
- مراقبة الله في السكون والحركة وفي كافة الأحوال.
اقرأ أيضاً عن: فضائل سور القرآن
أنواع تلاوات القرآن الكريم
هناك عدة أنواع لتلاوات القرآن الكريم، ويجب الإشارة إلى أن جميع أنواع التلاوات تهدف إلى نقل رسالة القرآن الكريم بطريقة مؤثرة وجميلة، ويكون الاختلاف بشكل أساسي في الأسلوب ودرجة التركيز والتمعن. ومن هذه الأنواع:
1- التلاوة التجويدية
وتعتبر هذه النوعية من التلاوات الأكثر شيوعًا، وتتميز بتطبيق قواعد التجويد والتحكم في الأصوات والتراكيب اللغوية بدقة وإتقان.
2- التلاوة المرتلة
وتتميز هذه النوعية من التلاوات بالإيقاع والترتيل، حيث يتم تنسيق الصوت مع الإيقاع بطريقة تجعل من القراءة شبيهة بالغناء. وتستخدم هذه النوعية في العديد من الدول الإسلامية خلال الاحتفالات والمناسبات الدينية.
3- التلاوة الخاشعة
يرتكز هذا النوع على الأداء الروحي والإيماني، وتهدف إلى إيصال رسالة القرآن الكريم بطريقة تلامس القلوب وذلك لتعزيز الإحساس بالقرب من الله.
4- التلاوة السريعة
وتتميز بالقراءة السريعة والمتقنة، ويستخدمها القراء الماهرين في المسابقات القرآنية الدولية والمحلية.
5- التلاوة الشعرية
يطلق على هذا النوع (الأسلوب الشعري) ويقوم على التركيز على الشعور والإحساس، ويستخدمه القراء الماهرين في الأداء الفني.
اقرأ أيضاً عن: الإجازة في القرآن
مراتب تلاوة القرآن الكريم
يتم تصنيف مراتب تلاوة القرآن إلى ثلاث مراتب وفقاً لسرعة الأداء، ومن اهم المعلومات عن تلاوة القرآن هي مراتبه:
1- التحقيق
في اللغة، التحقيق من التحقق، أي التأكد والتدقيق، وفي الإصطلاح، يقصد به الترسل أثناء التلاوة بمقتضى أحكام التجويد، وذلك بأن يعطي القارئ لكل حرف حقه ومستحقه دون زيادة أو نقصان لتفادي توليد حركات إضافية.
2- الحدر
في اللغة، الحدر يقصد به الإسراع، وهو في الإصطلاح، دال على السرعة في القراءة مع تخفيفها وإقامة الإعراب عليها، كما يجب مراعاة أحكام التجويد دون تفريط أو إفراط مع التحقق من نقص الغنات والإدماج والمدود.
3- التدوير
في اللغة، التدوير يعني الحلقة، بأن يكون الشيء على هيئة حلقة، ولكنه في الاصطلاح دال على القراءة التي تأتي بين التحقيق والحدر.
تستطيع الآن التواصل مع أكاديمية وحي يوحى للتعليم عن بعد لتوضيح آداب تلاوة القرآن الكريم مع تحفيظ آيات الذكر الحكيم لكافة الأعمار والفئات، كما تجد كورسات توضيحية لكيفية تعلم اللغة العربية سواء للناطقين بها أو غير الناطقين، وتقدم الأكاديمية دروس وبرامج تعليمية تستعرض فيها آلية فهم أحكام التجويد والترتيل مع تبيان أسس القراءة الصحيحة.